من هو المسيح الدجال؟ وما خطره؟

طباعة

لقد حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من شر المسيح الدجال، كما أن جميع الأنبياء عليهم السلام حذروا أممهم من شره، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتعوذ بالله من فتنته في كل صلاة نصليها، فريضة كانت أو نافلة. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، وفتنة المحيا والممات، وشر المسيح الدجال» [رواه مسلم].

هذا الشر العظيم يقول عنه صلى الله عليه وسلم: « بادروا بالأعمال سبعاً: هل تنتظرون إلا فقراً مُنسياً، أو غِنىً مُطغياً، أو مَرضاً مُفسداً، أو هرماً مُفنّداً أو موتاً مُجهزاً، أو الدَّجال فَشَرُّ غائبٍ يُنتظر، أو السَّاعةَ فالسَّاعَةُ أدهى وأمرّ» [رواه الترمذي]

شَرُّ غائب ينتظر، هو موجود ولكنه غائب الآن، ولا يقال غائب إلا لشيءٍ موجودٍ أصلاً.

عن النّواس بن سمعان رضي الله عنه قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجَّال ذات غداةِ، فخفَّض فيه ورَفَع حتى ظنناه في طائفة النخل، فلما رُحنا إليه عرف ذلك فينا، فقال: « ما شانكُم؟ » قلنا: يا رسول الله، ذكرت الدجال الغَداة فخفَّضت فيه ورَفعت، حتى ظنناه في طائفة النخل. فقال: «غير الدجال أخوفُني عليكم: إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم؛ وإن يخرج ولست فيكم فامرؤٌ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم. إنه شابٌ قطط، عينه طافية، كأني أشبِّهه بعبد العُزى بن قَطن، فمن أدركه منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف: إنه خارجٌ خَلة بين الشام والعراق، فعاث يميناً وعاث شمالاً! يا عباد الله، فاثبتوا». قلنا: يا رسول الله، وما لُبثه في الأرض؟ قال: « أربعون يوماً: يَوم كسنةٍ، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم». قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنةٍ، أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: «لا، اقدروا له قدره». قلنا: يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: ­« كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، ويستجيبون له، فيأمر السماء فتمطر، والأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى، وأسبغه ضروعاً، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم، فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين، ليس بأيديهم شيء من أموالهم! ويمر بالخَربة، فيقول لها أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل! ثم يدعو رجلاً ممتلئاً شباباً، فيضربه بالسيف، فيقطعه جزلتين رمية الغرض،ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله تعالى المسيح بن مريم عليه السلام، فينزل عند المنارة البيضاء شرقيَّ دمشق بين مَهرودتين، واضعاً كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدَّر منه جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفَسهِ إلا مات، ونفَسُه ينتهي إلى حيث ينتهي طَرفه، فيطلبه حتى يُدركه بباب لُدَّ فيقتله، ثم يأتي عيسى عليه السلام قوماً قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة..» الحديث [رواه مسلم].

هذا الشر، هل هو أربعون يوماً؟ عنه صلى الله عليه وسلم: «أنه لم تكن فتنة في الأرض منذ ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة الدجال، وإن الله لم يبعث نبياً إلا حذر أمته الدجال» [رواه ابن ماجه]. هذه الأربعون يوماً سيكون فيها لأمة محمد صلى الله عليه وسلم شرف التصدي لهذا الوحش الدجال وجهاً لوجه، لأنه يخرج على الناس من غضب يغضبه

وعنه صلى الله عليه وسلم: «أول ما يبعثه على الناس غضب يغضبه» [رواه مسلم].

إذن فهو موجود في (مكان ما)! وسيخرج على الناس من غضب يغضبه، فقبل أن يغضب ويخرج، يا هل ترى ماذا كان يفعل؟ هل كان يُصلح في الأرض؟ هل صاحب هذه النفس الخبيثة يُتوقعُ منه الخير؟ لا والله، إنه مُفسد وسيخرج على الناس لمدة أربعين يوماً، ليزداد في هذا الإفساد، فَيزعمُ أنه الله.

وعنه صلى الله عليه وسلم: «وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة الدجال» [رواه البزار].

لقد مارس الدجال وشريكه إبليس منذ القدم الفساد وإغواء الناس وإضلالهم، ولكن قَدرُ الله عز وجل أن يخرج الآن، لأن الدنيا قد آذنت بالرحيل والفناء، وكما تفعل الشياطين بالإنسان إذا جاءه الموت، يحاول الشيطان أن يميته كافراً فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت.