صاحب أعظم فتنة في تاريخ البشرية

طباعة

لقد ذُكر الدجال في القرآن في أكثر من موضع، ولكن ليس باسمه وذلك تحقيراً له، لأنه يزعم أنه الله!، ولكن الله عز وجل ذكر فرعون باسمه وقد قال فرعون أنا ربكم الأعلى؟

نعم ذُكر فرعون باسمه لأنه كان واضحَ النقص في قدراته وفي ادعائه عندما قال أنا ربكم الأعلى، فهو يطلب معونة السحرة لمواجهة موسى عليه السلام ويعدهم أنهم سيكونون من المقربين له إن كانوا هم الغالبين، وهو يطلب معونة هامان ليبني له صرحاً كي يصعد ويطَّلع إلى إله موسى عليه السلام.

وأيضاً هو لم يجد ما يدل به على أنه صاحب شأن وملك إلا هذه المقارنة: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف:51].
فاستخف قومه فأطاعوه، استخف بعقولهم، لأن مثل هذا الضعيف المحتاج لنصرة غيره، لا يليق به أن يكون إلهاً، وفرعون قد بان أمره، وغرق ولحقه الخزي في الدنيا وكان لمن خلفه آية.

أما الدجال فإن القدرات التي عنده قد تفتن بعض المؤمنين، عدا عن الكفار، وأمره لم ينته بعد، وإنه سيخرج ويزعم أنه الله، ويحصد أكبر عدد من أولاد آدم ليكونوا معه، ومع شريكه إبليس في نار جهنم وبئس المصير: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالإنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسْفَلِينَ} [فصلت:29]. إذن فأهل النار يسألون الله عز وجل أن يريهم اللذين كانا السبب في دخولهم النار، ليجعلوهما تحت أقدامهم ليكونا من الأسفلين. من هما هذان ؟

قال المفسرون - رحمهم الله -: الأول إبليس من الجن وهذا صحيح. والثاني قابيل بن آدم من الإنس، وهذا لا يستقيم، فقابيل عنده جريمة واحدة فعلها وأصبح من النادمين ألا وهي القتل: {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ# فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ} [المائدة:30-31].

وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قابيل فقال: « ليس من نفس تقتل ظلماً إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل » [متفق عليه].

فهل يُعقل أن يُوضع إبليس- الذي أغوى وأضل الكثير من الخلق- في كفة، ويوضع في الكفة الأخرى قابيل ابن آدم، في حين يترك المسيح الدجال صاحب أعظم فتنة في تاريخ البشرية منذ آدم إلى قيام الساعة؟.

شريك إبليس من الإنس ليس قابيل، إنه المسيح الدجال، الذي عاش على هذه الأرض آلاف السنين، ثم هو الآن سيخرج لتلاقيه أمة محمد صلى الله عليه وسلم، الأمة التي فيها: {رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً} [الأحزاب:23].

رجال في قلوبهم لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا يغيرونها ولا يبدلونها وفقاً لما تقتضيه الأحوال المحيطة بهم، لا إله إلا الله الذي يقول: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ}، لا إله إلا الله العظيم الذي له الأسماء الحسنى والصفات العلى، لا إله إلا الله الذي ليس كمثله شيء، الله الذي لا يأكل ولا يشرب، الله الذي ليس بأعور، الله الذي لا نراه بهذه الأعين التي لا تستطيع أن تُحيط ببعض مخلوقات الله عز وجل، لا إله إلا الله الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء.

لا إله إلا الله المتعالي المتكبر، الذي لا يمشي في الأسواق، لا إله إلا الله الحي الذي لا يموت ولا يستطيع العباد أن ينفعوه أو يضروه، لا إله إلا الله الذي جنته وناره هما الجزاء في الآخرة بعد الموت وليس في الحياة الدنيا، لا إله إلا الله الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، لا إله إلا الله الذي ينزل الغيث من السماء ويطعم المؤمن والكافر.